[مقالات الزوار] الإسلام في كوريا الجنوبية



الإسلام في كوريا الجنوبية



بقلم: محمد زريق

ناقد سياسي وناشط اجتماعي وباحث ومترجم، حائز على ماجستير في العلاقات الدولية وليسانس في الترجمة، مهتم في شؤون السياسة الدولية في منطقة الشرق الأوسط

رابط الحساب الشخصي: https://www.facebook.com/mohd.zreik
البريد الالكتروني: mohamadzreik@hotmail.com



في النصف الشرقي من الكرة الأرضية، تحديداً في بلاد كوريا الجنوبية ستتفاجىء عند سماعك صوت الآذان وعبارة "السلام عليكم" عند الترحيب بك. أجل إننا في كوريا الجنوبية ولسنا في دولة عربية !
في بلدٍ نصف سكانه بلا دين، ستجد مجموعة لا بأس بها من المسلمين، ففي العاصمة سيول وحدها يتواجد حوالي 150000 شخص مسلم وثلثلهم من أصل كوري. في العام 1976 تمَّ افتتاح أول مسجد في وسط العاصمة سيول، وفي منطقة اتايوان السيولية ستجد الكثير من مطاعم الأكل الحلال والمتاجر الاسلامية. ويعتبر مسجد سيول المركزي واحداً من خمسة عشر مسجداً في البلاد، هذا فضلاً عن الغرف المخصصة للصلاة في المطار والجامعات والمتاجر الكبرى.


أن تكون مسلماً في كوريا فهذا يعني أن تتمسك بالحضارة والثقافة الكورية وأن تمارس أيضاً الطقوس الإسلامية، فالشخص المسلم في كوريا لن يشبه الشخص المسلم العربي إلا في ممارسة الطقوس الدينية، وذلك يعود إلى الاختلاف الحضاري والثقافي.
الكثير من الفتيات الكوريات يرتدين الهانبوك، أو الفستان الطويل والمحتشم وهو الزي الكوري الرسمي والتقليدي، فعند رؤيتك للفتيات الكوريات في هذا اللباس لن تستطيع أن تميز بين الفتاة المسلمة وغير المسلمة لأنه لباس موحَّد، ومن وجهة نظرهن أنَّ هذا اللباس لا يتناقض مع الشريعة الاسلامية لأنه محشتم ويستر جسد الفتاة.



يُغير المسلمون الكوريون اليوم وبشكل مدهش وسلس الصورة البشعة التي يصورها الاعلام عن الإسلام بأنه دين الإجرام والقتل، فمن خلال الفن والرسم استطاعت الفنانة الكورية " منى هيونمن باي " إظهار التقارب والتجانس ما بين الدين الاسلامي والحضارة الكورية، وربما يكون الفن أحد الوسائل الأكثر تأثيراً على الشعب الكوري من خلال إظهار الصورة الجيدة عن هذا الدين وخلق مساحة من الأمان بين الكوري المسلم والكوري غير المسلم. فالهانبوك على سبيل المثال لا يختلف كثيراً عن اللباس الاسلامي المحتشم وهو نقطة التقاء من خلال الملبس.وبما أنَّ الاسلام لا يزال دين غريب في كوريا، يحاول الكثير من مسلمي كوريا استخدام تطبيقات التواصل الاجتماعي مثل انستغرام لتعريف الناس على هذا الدين بصورة جيدة وتقريبه إلى الأذهان.
إن الاسلام ليس حكراً على بلد أو عرق معين، فالانفتاح والتقارب الإيجابي ما بين الحضارات والثقافات يجعل من التناقضات واحة للحوار والتلاقي والرقي، وهذه السياسة المنفتحة التي تتبعها كوريا الجنوبية جعلت عدد السياح المسلمين يصل إلى 1,2 مليون سائح عام 2017، ومن المحتمل أن يرتفع هذا العدد في السنوات القادمة.
الانسانية دائماً فوق كل اعتبار وبإنسانيتنا نرتقي ونجلب احترام الغير لنا، هكذا هي كوريا الجنوبية التي تحترم الآخر رغم كل اختلافاته لا بل تسعى إلى الاستفادة منه وتطوير مخزونها الحضاري والثقافي عن طريق هكذا تقارب حضاري.


إرسال تعليق

0 تعليقات